أهمية تعَلُم تجويد القرآن الكريم وتعليمه
منذ شهر
179 مشاهدة

أهمية تعَلُم تجويد القرآن الكريم وتعليمه

أكاديمية تواقة


القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، دستور هذه الأمة ونبراسها الذي يضيء دروبها. تلاوته عبادة، وتدبر آياته سلوك، والعمل به فلاح في الدنيا والآخرة. ولكن هل يكفي أن نقرأ القرآن فحسب؟ أم أن هناك لغة خاصة لتلاوته تضمن له جلاله وجماله؟ هنا تبرز أهمية علم التجويد، فهو ليس مجرد تحسين للصوت، بل هو علم جليل يعنى بإخراج كل حرف من مخرجه الصحيح وإعطائه حقه ومستحقه من الصفات والأحكام. إن تعلم التجويد وتعليمه هو صمام الأمان لسلامة النطق بالقرآن، وحفظه من اللحن، وضمان استمرار تلاوته كما أنزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التجويد: صيانة للفظ ومعنى

إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن التجويد هو جمال الصوت وحسن الأداء، وهذا جزء لا يتجزأ من حقيقة التجويد، لكنه ليس كل شيء. فالتجويد في جوهره هو صيانة للفظ القرآن الكريم من الوقوع في اللحن الجلي أو الخفي. اللحن الجلي هو الخطأ الذي يغير معنى الكلمة، كأن تبدل حرفاً بحرف، أو حركة بحركة، وهذا ما قد يؤدي إلى تغيير المعنى المراد من الآية، وبالتالي قد يترتب عليه فساد في الفهم أو حتى في العقيدة. أما اللحن الخفي فهو ما يطرأ على اللفظ من تغيير لا يغير المعنى، لكنه يخل بجمال التلاوة وحسن الأداء، مثل عدم إعطاء الغنن حقها، أو إخفاء المدود.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4]. هذه الآية الكريمة هي دعوة صريحة ومباشرة لترتيل القرآن، والترتيل هو التجويد بعينه، وهو القراءة بتأنٍ وتفهم وإخراج للحروف من مخارجها الصحيحة مع إعطائها حقها من الصفات. ويوضح الإمام ابن الجزري في مقدمته الشهيرة: "والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم".

التجويد: وصلة قلبية بكلام الله

إن تعلم التجويد يفتح آفاقاً جديدة للتدبر والخشوع عند تلاوة القرآن. عندما يتلو المسلم القرآن بتجويد وإتقان، فإنه يتفاعل مع الآيات تفاعلاً عميقاً، ويستشعر عظمة الكلام الإلهي. فالكلمات تخرج من فمه صحيحة ناصعة، مما يعينه على استحضار المعاني والتأثر بها. وهذا التفاعل ليس مجرد قراءة لآيات، بل هو حوار روحي بين العبد وربه، يتجلى فيه الأدب مع كلام الله. فكيف يليق بمسلم أن يقرأ كلام خالقه ومليكه دون أن يعطيه حقه من الترتيل والتجويد؟

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران" [صحيح مسلم، رقم الحديث: 798]. هذا الحديث الشريف يحفز على إتقان التلاوة والسعي نحو التجويد، فالمرتبة العالية تكون للماهر بالقرآن، وهو الذي يقرأه بتجويد وإتقان. وهذا لا يعني أن من يتتعتع فيه لا يؤجر، بل له أجران، أجر على القراءة وأجر على المشقة، وهذا من رحمة الله وفضله.

أركان التجويد الأساسية

للتجويد أركان أساسية يقوم عليها، وهي:
معرفة مخارج الحروف: وهي الأماكن التي يخرج منها الحرف من الفم، مثل الشفتين، اللسان، الحلق، والجوف.
معرفة صفات الحروف: وهي الكيفيات التي يتصف بها الحرف عند خروجه، مثل الجهر والهمس، الشدة والرخاوة، الاستعلاء والاستفال، الإطباق والانفتاح.
معرفة أحكام التجويد: وهي القواعد التي تنظم كيفية تلاوة الحروف عند اجتماعها، مثل أحكام النون الساكنة والتنوين (الإظهار، الإدغام، الإقلاب، الإخفاء)، وأحكام الميم الساكنة، والمدود، والقلقلة، وغيرها.
التدريب والممارسة: فالعلم وحده لا يكفي، بل لا بد من الممارسة والتطبيق العملي تحت إشراف معلم متقن.

إن إتقان هذه الأركان يؤدي إلى تلاوة قرآنية صحيحة ومتقنة، تخلو من الأخطاء التي قد تغير المعنى أو تخل بجمال الأداء.

فضل تعليم التجويد والقرآن الكريم

تعليم التجويد هو في حقيقته تعليم لكتاب الله، وهو من أجلّ القربات وأعظم الطاعات. فالذي يعلم الناس القرآن، يفتح لهم أبواب الهداية والنور، ويكون له نصيب من أجر كل من يقرأ القرآن بسببه. وهذا فضل عظيم لا يقدر بثمن.

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" [صحيح البخاري، رقم الحديث: 5027]. هذا الحديث صريح في فضل معلم القرآن ومتعلمه، فهو يضعه في منزلة "خير الناس". وهذا يشمل تعلم التجويد وتعليمه، لأنه جزء لا يتجزأ من تعلم القرآن وتعليمه على الوجه الصحيح الذي يرضي الله تعالى.

التجويد في عصر التعليم عن بعد

لقد شهد العالم في السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في مجال التعليم عن بعد، وأصبح تعلم القرآن والتجويد عبر الإنترنت أمراً ميسراً للكثيرين ممن لا يستطيعون الوصول إلى حلقات التحفيظ التقليدية. منصات تعليم القرآن عن بعد تقدم فرصة عظيمة للمسلمين في كل مكان لتعلم أحكام التجويد على أيدي معلمين متخصصين ومجازين. هذا التطور التكنولوجي لم يغير من أهمية التجويد، بل زاد من إمكانية الوصول إليه.

من خلال الدروس الصوتية والمرئية التفاعلية، يمكن للطلاب تصحيح تلاوتهم مباشرة مع المعلم، ومراجعة الدروس في أي وقت، والتواصل المستمر مع معلميهم. وهذا يضمن استمرار عملية التعلم والتصحيح، مما يؤدي إلى إتقان التلاوة وتجويدها. منصات مثل twaqah.net تساهم في تحقيق هذا الهدف النبيل، بتقديمها لتعليم القرآن واللغة العربية عن بعد بأساليب منهجية وفعالة، تراعي كافة مستويات الطلاب.

فوائد تعلم التجويد

لتعلم التجويد فوائد عظيمة تعود على الفرد والمجتمع، منها:
الفهم الصحيح للمعاني: عندما تقرأ القرآن بتجويد، فإنك تقلل من احتمالية اللحن الذي قد يغير المعاني، مما يساعد على الفهم الصحيح لمراد الله تعالى من آياته.
الخشوع والتدبر: التلاوة الصحيحة المتقنة تزيد من الخشوع والتأثر بالقرآن، مما يقوي الصلة بالله ويزيد الإيمان.
الحفاظ على القرآن: التجويد هو وسيلة للحفاظ على القرآن الكريم من التحريف والخطأ في النطق، وضمان استمرار تلاوته كما أنزل.
نيل الأجر العظيم: كل حرف تقرأه من القرآن بعشر حسنات، فكيف إذا كان هذا الحرف مجوّداً متقناً؟ الأجر مضاعف والفضل عظيم.
اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن بتمهل وتدبر، وهذا هو جوهر التجويد. فتعلم التجويد هو اقتداء بسنته الشريفة.
تقوية اللغة العربية: التجويد يعتمد بشكل كبير على معرفة مخارج وصفات الحروف العربية، مما يقوي الفصاحة والبيان لدى المتعلم.

كيف تبدأ رحلتك مع التجويد؟

الخطوة الأولى : لتعلم التجويد هي الإخلاص لله تعالى والعزيمة الصادقة. ثم يلي ذلك البحث عن معلم متقن ومجاز، يمتلك الخبرة والمعرفة اللازمة لتعليم أحكام التجويد وتصحيح التلاوة. يمكن البحث عن هؤلاء المعلمين عبر المنصات المتخصصة في تعليم القرآن عن بعد من هنا.
ابدأ بالاستماع: استمع كثيراً إلى تلاوات القراء المتقنين، وحاول التعلم منهم.
تعلم الأساسيات:  ابدأ بمعرفة مخارج الحروف وصفاتها، ثم انتقل إلى أحكام النون الساكنة والتنوين، والميم الساكنة، والمدود.
الصبر والمثابرة: تعلم التجويد يحتاج إلى صبر ومثابرة، فلا تيأس إذا وجدت صعوبة في البداية
المراجعة الدائمة: راجع ما تعلمته باستمرار، وحافظ على ورد يومي من التلاوة.
التحق بأحد برامج تعلم التجويد: يمكنك أن تنضم إلى أحد برامجنا التي تهتم بتعليم أحكام التجويد وإتقانه للراغبين من الرجال بالضغط هنا وللنساء بالضغط هنا.

قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ [القمر: 17]. هذه الآية تبعث الأمل في النفوس، فالله تعالى قد يسر القرآن للذكر والفهم والتعلم، فعلى المسلم أن يستغل هذا التيسير ويسعى لتعلمه وإتقانه.

خاتمة

في الختام، إن تعلم تجويد القرآن الكريم وتعليمه ليس مجرد تحصيل علمي أو مهارة صوتية، بل هو عبادة عظيمة وقربة جليلة إلى الله تعالى. إنه السبيل الأمثل لتلاوة كلام الله كما أنزل، والحفاظ عليه من كل لحن أو تحريف. فليكن سعينا الدؤوب نحو إتقان تلاوة كتاب ربنا، ولنحرص على أن نعلم أبناءنا ومن حولنا هذا العلم الشريف، لننال الأجر العظيم ونكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. لنجعل من التجويد جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، نرتل به آيات الله فتطمئن قلوبنا وتزكو أرواحنا. فهل من مدّكر يسعى لهذه المنزلة الرفيعة؟ 
اطلب حصة مجانية لبرنامج تعلم التجويد للرجال من هنا.
اطلبي حصة مجانية لبرنامج تعلم التجويد للنساء من هنا 

التعليقات


  • د/ محمد نور  الدين
    د/ محمد نور الدين

    ما شاء الله نفع الله بك وبارك في جهودكم

    منذ 4 أسابيع
  • د/ محمد نور  الدين
    د/ محمد نور الدين

    ما شاء الله نفع الله بك وبارك في جهودكم

    منذ 4 أسابيع