منذ سنة
أهمية علم التجويد
أكاديمية تواقة
"علم التجويد" كحجر الزاوية الذي لا تقوم التلاوة بدونه. إن التجويد ليس مجرد تحسين للصوت أو ترفٌ أدائي؛ بل هو صمام الأمان الذي يحمي النص القرآني من اللحن والتحريف، والسبيل للوصول إلى مرتبة المهرة في التلاوة.
نتحدث هنا عن علم يرتقي بالقارئ إلى أعلى درجات الإتقان، خاصة لمن يسعون لـ إتقان التلاوة من الناطقين بالعربية أو بغيرها، والذين يواجهون تحديات النطق الصحيح. في هذا المقال الشامل، نستكشف أهمية علم التجويد من منظور شرعي ولغوي وعملي، وكيف أصبح تعلمه ميسرًا من خلال منصات تعليم القرآن الكريم عن بعد مثل (twaqah.net)، معززين مقالنا بالاستشهادات الموثوقة من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة.
أولاً: التجويد.. أمر إلهي وحماية للنص القرآني
علم التجويد في أصله هو ترجمة عملية لأمر إلهي ورد في كتاب الله العزيز، وهو ما يرفع حكم تعلمه من مجرد الاستحباب إلى الوجوب العملي.
الأساس الشرعي لوجوب التجويد
لقد وجهنا الله تعالى إلى الكيفية التي ينبغي أن تُتلى بها آياته، فقال تعالى في سورة المزمل
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [سورة المزمل: الآية 4]
هذه الآية هي الدليل الأقوى والأوضح على لزوم التجويد. فـ "الترتيل" في اللغة يعني التنسيق والتحسين والتمهل، وفي اصطلاح علماء القراءة، يعني تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. لقد قال الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في تفسير الترتيل: "هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف".
ويؤكد هذا المعنى واجب آخر، وهو قوله تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ) [سورة البقرة: الآية 121]
إن "حق تلاوته" لا يمكن أن يتحقق إلا بإعطاء الحروف حقها من مخارج الحروف وصفاتها، وهذا هو التعريف الاصطلاحي للتجويد: "إخراج كل حرف من مخرجه الصحيح وإعطاؤه حقه ومستحقه من الصفات".
إجماع العلماء على حكم التجويد
يجمع علماء القراءات على أن تعلم أحكام التجويد من حيث القواعد (علميًا) هو فرض كفاية، بينما التطبيق العملي له في القراءة (عمليًا) هو فرض عين على كل من يقرأ القرآن. وقد لخّص ذلك الإمام ابن الجزري في منظومته الشهيرة المقدمة الجزرية بقوله:
وَالأَخْذُ بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لازِمُ****مَـنْ لَـمْ يُجَـوِّدِ الْقُـرْآنَ آثِـمُ
لأَنَّهُ بِـهِ الإِلَـهُ أَنْـزَلاَ ***** وَهَكَذَا مِنْـهُ إِلَيْنَـا وَصَـلاَ
فالقارئ الذي يتعمد إبدال حرف بحرف، أو تغيير حركة تغير المعنى (اللحن الجلي)، يقع في الإثم باتفاق العلماء، وهنا تظهر أهمية التجويد كونه حماية من الوقوع في تحريف كلام الله.
ثانياً: التجويد.. الارتقاء بالقارئ إلى منزلة المهرة
لا يقتصر فضل التجويد على صحة القراءة فحسب، بل هو الباب الذي يدخل منه القارئ إلى مراتب الإتقان العالية التي وعد بها النبي صلى الله عليه وسلم.
منزلة الماهر بالقرآن
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
«الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ» [صحيح مسلم]
- الماهر: هو المتقن للقراءة، الذي يجيد أحكام التجويد ويقرأ بطلاقة وإتقان. التجويد هو وسيلة الوصول إلى هذه المهارة التي تقرن القارئ بالملائكة الكرام.
- المتتعتع: هو من يجد صعوبة ويشق عليه النطق، وله أجران لمشقته.
هذا الحديث العظيم يدفعنا للاهتمام الدائم بتعلم علم التجويد مع معلم متقن أو معلمة متقنة لعم التجويد أو البحث عن دورات تجوبد وتعليم القرآن الكريم عن بعد لنتحول من مرتبة "المتتعتع" إلى مرتبة "الماهر"، فالإتقان غاية نبيلة ينبغي السعي إليها.
تزيين القرآن بالصوت
من الجوانب الجمالية والروحية للتجويد أنه يحقق توجيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى تزيين القرآن بالقراءة الحسنة، فعن البراء بن عازب قال:
«زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» [رواه النسائي وابن ماجه وأحمد، وهو صحيح]
تزيين القرآن لا يعني الغناء أو الخروج عن أحكام التجويد، بل يعني تحسين الأداء والتلاوة، وهذا لا يتم إلا بمراعاة أحكام التجويد من مدود وغنن وإظهار وإخفاء، مما يعطي التلاوة جمالًا وتأثيرًا في القلب والروح.
ثالثاً: التجويد واللغة العربية.. علاقة تكاملية للمتعلمين عن بُعد
هناك علاقة وثيقة بين علم التجويد وإتقان اللغة العربية، خاصة في سياق تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها و تعليم القرآن عن بُعد.
إصلاح اللسان وإتقان النطق
يُعد التجويد أعمق علم تطبيقي في مجال الأصوات اللغوية (الفونتيك Phonetics) في التراث العربي. فهو:
- تدريب على النطق العربي الفصيح: قواعد التجويد، بدءًا من مخارج الحروف وصفاتها (مثل التفريق بين الضاد والظاء، وبين السين والصاد)، تُعد تدريبًا مكثفًا على النطق السليم للغة العربية الفصحى.
- أداة لغوية للناطقين بغيرها: الطلاب غير الناطقين بالعربية الذين يسعون إلى تحفيظ القرآن أون لاين يجدون في دراسة التجويد الطريقة المنهجية لضبط نطقهم في اللغة العربية ككل، مما يسهل عليهم فهم وتطبيق قواعد اللغة.
- إدراك الفروق الصوتية والدلالية: اللحن في التلاوة قد يغير المعنى، وهو ما يطلق عليه "اللحن الجلي". فإطالة حركة أو قصر مد، أو إبدال حرف بحرف قد يُحدث تغييرًا كبيرًا في الدلالة؛ لذا فالتجويد يحمي القارئ من تغيير المعنى المقصود في الآيات القرآنية.
التجويد مدخل إلى فقه اللغة
إن دراسة التجويد تفتح الباب للتدبر في الفروق الدقيقة في الكلمات، فمثلاً، دراسة الغنة وكيفية تطبيقها تُعلم القارئ أن كل حرف في القرآن له وزنه الخاص الذي لا يجوز إهماله، وهذا يقود في النهاية إلى تعظيم النص وإدراك بلاغته.
رابعاً: علم التجويد في سياق التعليم عن بُعد (SEO & E-Learning)
في ظل الثورة الرقمية، أصبح الوصول إلى شرح مبسط للتجويد وإتقان القراءة ممكنًا من أي مكان في العالم. منصات مثل (twaqah.net) تساهم بشكل فعال في تحقيق هذا الهدف عبر:
- المعلم المؤهل: توفير معلمي إجازات متقنين للقراءات لتقديم دورات متقدمة للمبتدئين في التجويد، مما يضمن تلقي أحكام التجويد بالمشافهة (وهي الطريقة الوحيدة الصحيحة).
- المنهجية الميسرة: تقديم تعليم القرآن الكريم عن بعد من خلال مناهج مقسمة تبدأ بـ مخارج الحروف وتنتهي بـ أحكام المد والقصر، مما يسهل عملية تعلم أحكام التجويد خطوة بخطوة.
- تجاوز الحواجز الجغرافية: إتاحة الفرصة للمسلمين في الغرب والشرق لـ تحفيظ القرآن أون لاين تحت إشراف معلمين موثوقين، مما يلبي الطلب العالمي على إتقان التلاوة.
إن الاستثمار في تعليم أحكام التجويد هو استثمار في صحة تلاوتنا وسلامة لغتنا، وهو الطريق للوصول إلى مرتبة المهرة السالمين من اللحن الجلي والخفي.
رحلة لا تنتهي بالإتقان
علم التجويد هو الجسر الممتد الذي يصل بين القارئ وكلام خالقه، ويحول تلاوته من مجرد قراءة عادية إلى عبادة متقنة وتأثير عميق. لقد أكدنا أن أهمية علم التجويد تكمن في كونه أمرًا إلهيًا، وشرطًا لتحقيق فضل الماهر بالقرآن، وأداة أساسية لإصلاح اللسان العربي.
إذا كنت تسعى لـ تَعَلُم القرآن الكريم عن بعد أو تَعَلُم اللغة العربية بإتقان، فإن أولى خطواتك هي البدء بـ شرح مبسط للتجويد وتطبيقه العملي. تذكر أن الماهر بالتجويد هو من جعل التجويد سجيّة له في قراءته، فاجعله رفيقك الدائم في رحلة العبادة والإتقان.
هل أنت مستعد لبدء رحلتك في إتقان التلاوة وتصبح من الماهرين الذين وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ انضم الآن
التعليقات