آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم
منذ 7 أشهر
529 مشاهدة

آداب تلاوة القرآن الكريم

د. سامر جبر

آداب تلاوة القرآن الكريم ([1]) 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحابته أجمعين , يقول الله تعالى في محكم التنزيل  ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [ الحج: 32
جعل الله تعالى تعظيم شعائره دلالة على تقوى القلب وصلاح السريره ونقاء العقل و الفكر و تعظيما لله سبحانه وتعالى, فكيف بمن عظم كتاب الله وتأدب مع كلامه سبحانه وتعالى و تخلق بأخلاق القرآن الكريم؟! لذلك فإن من أهم أشكال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى هو تعظيم كتابه وكلامه سبحانه وتعالى, وقد ألف العلماء علماء الأمة كتباً كثيرة في آداب تلاوة القرآن الكريم، بينوا فيها بالتفصيل سمت القارئ والهيئة التي يكون عليها قبل التلاوة وبعدها وفي أثنائها، ومن أشهر هذه الكتب : 

1- كتاب أخلاق حملة القرآن لأبي بكر الآجري (ت 360 هـ) . 
2- كتاب التمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء العطاري (ت 560 هـ). 
3- كتاب التبيان في آداب حملة القرآن لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ)، وهو أجودها لجمعه واستيعابه وترتيبه واختصاره. وسنذكرها ها هنا.
نبذة من أهم آداب التلاوة حتى يكون القارئ على بينةٍ من أمره فيلتزم هذه الآداب كلما أقبل على القرآن الكريم تالياً ومتدبراً. 
ومن الممكن أن نجمل أهم الآداب التي يجب على المسلم أن يتحلى بها مع كتاب ربنا ليحصل التعظيم لكلامه وكتابه سبحانه وتعالى , 

وهي على ثلاثة أقسام: 
أولا:  الآداب التي يراعيها القارئ قبل التلاوة: 
1 - بستحب للقارئ قبل البدء بالتلاوة أن يتطهر وأن يختار مكاناً طاهراً ويلبس ثياباً طاهرة ساترة للعورة. 
2 - يسنّ له أيضاً أن يتسوَّك وينظف فمه وأسنانه، لأن الفم طريق خروج الكلمات والحروف، وفي تنظيفه إرضاء للرب سبحانه وتعظيم للقرآن، وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه كان يحث على السلوك ويأمر به ويقول: "إن الرجل إذا قام يصلي دنا الملكُ منه يستمع القرآن فما يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه، فما يلفظ من أيةٍ إلا دخلت في جوفه" ([2]) . 
3 - يحسن أن يختار القارئ مكاناً بعيداً عن الشواغل، حتى يكون ذلك أجمع لذهنه وأبعد عن التشويش والإنشغال. 

ثانيا: الآداب التي يراعيها القارئ أثناء التلاوة: 
1 - أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لقوله سبحانه: "فَإِذا قَرَأَتَ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل:98] والمقصود: إذا أردت القراءة فاستعذ . 
2 - أن يراعي في تلاوته إتقان القراءة وأحكام التجويد، فيمد عند المدّ وبدغم عند الإدغام وهكذا، لقوله سبحانه وتعالى: "ورتل القرآن ترتيلاً" [المزمل:4]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ... " ([3])، وهذا الحكم إنما ذكرناه هنا مع أنه من جملة الواجبات، تأكيداً على أهمية التزام القارئ به، إذ أن كثيراً ممن يقرؤون القرآن لا يراعون أحكام تجويده، وكأنهم يقرؤون في أي كتابٍ أو صحيفة. 
3 - أن يتدّبر الآيات التي يقرؤها ويتفكر في معانيها، وقد جاء الأمر بتدبر القرآن في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: "كِتابُ أَنزَلناهُ إِليكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا أياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُلُوا الأَابابِ" [ص:29]. 
4 - أن يتأوَّل القرآن، بمعنى أن يتفّذ ما فيه من أوامر في أثناء القراءة، فإذا مرَّ بتسبيح سبّح، وإذا مرَّ بالاستغفارٍ استغفر، أو بذكر الجنةِ سأل الله الجنة أو بذكر النار استعاذ بالله من النار. 
5 - أن يراعي سجدات التلاوة فيسجد كلما مرت به أية منها. 
6 - أن يحسّن صوته بالقرآن، ويتغنّى به، وكلما أكثر المرء من القراءَة والجهر بها كان أقدر على تحسين صوته وتزيينه. 
7 - أن يراعي في ترتيله مراتب القراءة وهي التحقيق والتدوير والحدر بحيث يطبق الأحكام في كل مرتبة منها. 
8 - لأن يقرأ الفاتحة وأول خمس أيات من سورة البقرة عندما يختم القرآن ثم يدعو الله سبحانه فإن له دعوة مستجابة. 

ثالثا: آداب عامة تتعلق بالتلاوة: 
1 - أن يعمل بالقرآن ويتخلق بأخلاقه. 
2 - أن يحافظ على سمت أهل القرآن بكثرة الذكر وطول الفكر وقلة اللغو والحرص على العبادة والطاعة. 
3 - أن يحرص على تعليم القرآن وتبليغ أياته للناس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو أية" ([4]) . 
4 - أن يحرص على إتقانه وضبطه، وقد روى عن الشافعي رحمه الله (ت 204 هـ) أنه قال: "من تعلّم علماً فليُدقّق فيه" ([5]) . 
5 - أن يكون له ورد يومي من القرآن بحيث يقرأ جزءاً على الأقل في كل يوم حتى يختم في كل شهر مرة، وكلما زاد كان أفضل. 
6 - أن يكون بالقرآن فيقرأ في صلاة الليل ما تيسر حتى يحافظ على هذه السُّنة. 
7 - أن يحرص على حفظ ما يستطيعه من القرآن الكريم، وأن يتعاهد القرآن مخافته نسيانه. 
8 - إذا فاته حزبه من الليل فليقرأه ما بين طلوع الشمس الى الظهر. 
9 - أن يحفظ بطنه عن أكل الحرام، ولسانه عن لغوِ الكلام، ويدهُ عن تناول الحُطام، وقدمه عن السعي في الآثام ([6]). 
 

بقلم د. سامر جبر
دكتوراة التفسير وعلوم القرآن 
عمان الاردن
 مقالات  ذات صلة
تعلم القرآن الكريم عن بُعد مع أكاديمية تواقة؟
كيف أحفظ القرآن الكريم مع ضيق الوقت؟
فضل تلاوة القرآن الكريم
ما معنى تواقة؟
فضل القرآن العظيم
الإمام نافع المدني
مقدمة عن القراءات القرآنية
فضل القرآن الكريم وواجبنا نحوه


المصادر والمراجع
([1])المنير في أحكام التجويد, جمعية المحافظة على القرآن الكريم – عمان الأردن – الطبعة: الرابعة والأربعون: 1443 ه – 2021م , صفحة: ( 20 – 22) 
([2])أخلاق حملة القرآن /98 والأثر أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد ص 435. وقد روي في هذا الباب أحاديث مرفوعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
([3])رواه مسلم في صلاة المسافرين باب: فضل الماهر بالقرآن، رقم (798). 
([4])جزء من حديث رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ما ذكر عن بني اسرائيل، رقم 3461،6/ 361. 
([5])التمهيد في معرفة التجويد/53. 
([6])المرجع السابق ص 53، والتوسع في هذه الآداب ينظر: أخلاق حملة القرآن /95 وما بعدها، وفضائل القرآن وتلاوته ص 127 وما بعدها، والتبيان في آداب حملة القرآن.

التعليقات


  • د/ محمد نور  الدين
    د/ محمد نور الدين

    ما شاء الله تبارك الله، نفع الله بفضيلة الدكتور سامر جبر، وجزاه خير الجزاء

    منذ 7 أشهر

مقالات ذات صلة

منذ 7 أشهر

آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم ([1]) 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحابته أجمعين , يقول الله تعالى في محكم التنزيل  ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [ الحج: 32
جعل الله تعالى تعظيم شعائره دلالة على تقوى القلب وصلاح السريره ونقاء العقل و الفكر و تعظيما لله سبحانه وتعالى, فكيف بمن عظم كتاب الله وتأدب مع كلامه سبحانه وتعالى و تخلق بأخلاق القرآن الكريم؟! لذلك فإن من أهم أشكال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى هو تعظيم كتابه وكلامه سبحانه وتعالى, وقد ألف العلماء علماء الأمة كتباً كثيرة في آداب تلاوة القرآن الكريم، بينوا فيها بالتفصيل سمت القارئ والهيئة التي يكون عليها قبل التلاوة وبعدها وفي أثنائها، ومن أشهر هذه الكتب : 

1- كتاب أخلاق حملة القرآن لأبي بكر الآجري (ت 360 هـ) . 
2- كتاب التمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء العطاري (ت 560 هـ). 
3- كتاب التبيان في آداب حملة القرآن لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ)، وهو أجودها لجمعه واستيعابه وترتيبه واختصاره. وسنذكرها ها هنا.
نبذة من أهم آداب التلاوة حتى يكون القارئ على بينةٍ من أمره فيلتزم هذه الآداب كلما أقبل على القرآن الكريم تالياً ومتدبراً. 
ومن الممكن أن نجمل أهم الآداب التي يجب على المسلم أن يتحلى بها مع كتاب ربنا ليحصل التعظيم لكلامه وكتابه سبحانه وتعالى , 

وهي على ثلاثة أقسام: 
أولا:  الآداب التي يراعيها القارئ قبل التلاوة: 
1 - بستحب للقارئ قبل البدء بالتلاوة أن يتطهر وأن يختار مكاناً طاهراً ويلبس ثياباً طاهرة ساترة للعورة. 
2 - يسنّ له أيضاً أن يتسوَّك وينظف فمه وأسنانه، لأن الفم طريق خروج الكلمات والحروف، وفي تنظيفه إرضاء للرب سبحانه وتعظيم للقرآن، وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه كان يحث على السلوك ويأمر به ويقول: "إن الرجل إذا قام يصلي دنا الملكُ منه يستمع القرآن فما يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه، فما يلفظ من أيةٍ إلا دخلت في جوفه" ([2]) . 
3 - يحسن أن يختار القارئ مكاناً بعيداً عن الشواغل، حتى يكون ذلك أجمع لذهنه وأبعد عن التشويش والإنشغال. 

ثانيا: الآداب التي يراعيها القارئ أثناء التلاوة: 
1 - أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لقوله سبحانه: "فَإِذا قَرَأَتَ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل:98] والمقصود: إذا أردت القراءة فاستعذ . 
2 - أن يراعي في تلاوته إتقان القراءة وأحكام التجويد، فيمد عند المدّ وبدغم عند الإدغام وهكذا، لقوله سبحانه وتعالى: "ورتل القرآن ترتيلاً" [المزمل:4]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ... " ([3])، وهذا الحكم إنما ذكرناه هنا مع أنه من جملة الواجبات، تأكيداً على أهمية التزام القارئ به، إذ أن كثيراً ممن يقرؤون القرآن لا يراعون أحكام تجويده، وكأنهم يقرؤون في أي كتابٍ أو صحيفة. 
3 - أن يتدّبر الآيات التي يقرؤها ويتفكر في معانيها، وقد جاء الأمر بتدبر القرآن في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: "كِتابُ أَنزَلناهُ إِليكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا أياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُلُوا الأَابابِ" [ص:29]. 
4 - أن يتأوَّل القرآن، بمعنى أن يتفّذ ما فيه من أوامر في أثناء القراءة، فإذا مرَّ بتسبيح سبّح، وإذا مرَّ بالاستغفارٍ استغفر، أو بذكر الجنةِ سأل الله الجنة أو بذكر النار استعاذ بالله من النار. 
5 - أن يراعي سجدات التلاوة فيسجد كلما مرت به أية منها. 
6 - أن يحسّن صوته بالقرآن، ويتغنّى به، وكلما أكثر المرء من القراءَة والجهر بها كان أقدر على تحسين صوته وتزيينه. 
7 - أن يراعي في ترتيله مراتب القراءة وهي التحقيق والتدوير والحدر بحيث يطبق الأحكام في كل مرتبة منها. 
8 - لأن يقرأ الفاتحة وأول خمس أيات من سورة البقرة عندما يختم القرآن ثم يدعو الله سبحانه فإن له دعوة مستجابة. 

ثالثا: آداب عامة تتعلق بالتلاوة: 
1 - أن يعمل بالقرآن ويتخلق بأخلاقه. 
2 - أن يحافظ على سمت أهل القرآن بكثرة الذكر وطول الفكر وقلة اللغو والحرص على العبادة والطاعة. 
3 - أن يحرص على تعليم القرآن وتبليغ أياته للناس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو أية" ([4]) . 
4 - أن يحرص على إتقانه وضبطه، وقد روى عن الشافعي رحمه الله (ت 204 هـ) أنه قال: "من تعلّم علماً فليُدقّق فيه" ([5]) . 
5 - أن يكون له ورد يومي من القرآن بحيث يقرأ جزءاً على الأقل في كل يوم حتى يختم في كل شهر مرة، وكلما زاد كان أفضل. 
6 - أن يكون بالقرآن فيقرأ في صلاة الليل ما تيسر حتى يحافظ على هذه السُّنة. 
7 - أن يحرص على حفظ ما يستطيعه من القرآن الكريم، وأن يتعاهد القرآن مخافته نسيانه. 
8 - إذا فاته حزبه من الليل فليقرأه ما بين طلوع الشمس الى الظهر. 
9 - أن يحفظ بطنه عن أكل الحرام، ولسانه عن لغوِ الكلام، ويدهُ عن تناول الحُطام، وقدمه عن السعي في الآثام ([6]). 
 

بقلم د. سامر جبر
دكتوراة التفسير وعلوم القرآن 
عمان الاردن
 مقالات  ذات صلة
تعلم القرآن الكريم عن بُعد مع أكاديمية تواقة؟
كيف أحفظ القرآن الكريم مع ضيق الوقت؟
فضل تلاوة القرآن الكريم
ما معنى تواقة؟
فضل القرآن العظيم
الإمام نافع المدني
مقدمة عن القراءات القرآنية
فضل القرآن الكريم وواجبنا نحوه


المصادر والمراجع
([1])المنير في أحكام التجويد, جمعية المحافظة على القرآن الكريم – عمان الأردن – الطبعة: الرابعة والأربعون: 1443 ه – 2021م , صفحة: ( 20 – 22) 
([2])أخلاق حملة القرآن /98 والأثر أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد ص 435. وقد روي في هذا الباب أحاديث مرفوعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
([3])رواه مسلم في صلاة المسافرين باب: فضل الماهر بالقرآن، رقم (798). 
([4])جزء من حديث رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ما ذكر عن بني اسرائيل، رقم 3461،6/ 361. 
([5])التمهيد في معرفة التجويد/53. 
([6])المرجع السابق ص 53، والتوسع في هذه الآداب ينظر: أخلاق حملة القرآن /95 وما بعدها، وفضائل القرآن وتلاوته ص 127 وما بعدها، والتبيان في آداب حملة القرآن.

أكمل القراءة
منذ 7 أشهر

آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم ([1]) 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحابته أجمعين , يقول الله تعالى في محكم التنزيل  ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [ الحج: 32
جعل الله تعالى تعظيم شعائره دلالة على تقوى القلب وصلاح السريره ونقاء العقل و الفكر و تعظيما لله سبحانه وتعالى, فكيف بمن عظم كتاب الله وتأدب مع كلامه سبحانه وتعالى و تخلق بأخلاق القرآن الكريم؟! لذلك فإن من أهم أشكال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى هو تعظيم كتابه وكلامه سبحانه وتعالى, وقد ألف العلماء علماء الأمة كتباً كثيرة في آداب تلاوة القرآن الكريم، بينوا فيها بالتفصيل سمت القارئ والهيئة التي يكون عليها قبل التلاوة وبعدها وفي أثنائها، ومن أشهر هذه الكتب : 

1- كتاب أخلاق حملة القرآن لأبي بكر الآجري (ت 360 هـ) . 
2- كتاب التمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء العطاري (ت 560 هـ). 
3- كتاب التبيان في آداب حملة القرآن لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ)، وهو أجودها لجمعه واستيعابه وترتيبه واختصاره. وسنذكرها ها هنا.
نبذة من أهم آداب التلاوة حتى يكون القارئ على بينةٍ من أمره فيلتزم هذه الآداب كلما أقبل على القرآن الكريم تالياً ومتدبراً. 
ومن الممكن أن نجمل أهم الآداب التي يجب على المسلم أن يتحلى بها مع كتاب ربنا ليحصل التعظيم لكلامه وكتابه سبحانه وتعالى , 

وهي على ثلاثة أقسام: 
أولا:  الآداب التي يراعيها القارئ قبل التلاوة: 
1 - بستحب للقارئ قبل البدء بالتلاوة أن يتطهر وأن يختار مكاناً طاهراً ويلبس ثياباً طاهرة ساترة للعورة. 
2 - يسنّ له أيضاً أن يتسوَّك وينظف فمه وأسنانه، لأن الفم طريق خروج الكلمات والحروف، وفي تنظيفه إرضاء للرب سبحانه وتعظيم للقرآن، وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه كان يحث على السلوك ويأمر به ويقول: "إن الرجل إذا قام يصلي دنا الملكُ منه يستمع القرآن فما يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه، فما يلفظ من أيةٍ إلا دخلت في جوفه" ([2]) . 
3 - يحسن أن يختار القارئ مكاناً بعيداً عن الشواغل، حتى يكون ذلك أجمع لذهنه وأبعد عن التشويش والإنشغال. 

ثانيا: الآداب التي يراعيها القارئ أثناء التلاوة: 
1 - أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لقوله سبحانه: "فَإِذا قَرَأَتَ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل:98] والمقصود: إذا أردت القراءة فاستعذ . 
2 - أن يراعي في تلاوته إتقان القراءة وأحكام التجويد، فيمد عند المدّ وبدغم عند الإدغام وهكذا، لقوله سبحانه وتعالى: "ورتل القرآن ترتيلاً" [المزمل:4]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ... " ([3])، وهذا الحكم إنما ذكرناه هنا مع أنه من جملة الواجبات، تأكيداً على أهمية التزام القارئ به، إذ أن كثيراً ممن يقرؤون القرآن لا يراعون أحكام تجويده، وكأنهم يقرؤون في أي كتابٍ أو صحيفة. 
3 - أن يتدّبر الآيات التي يقرؤها ويتفكر في معانيها، وقد جاء الأمر بتدبر القرآن في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: "كِتابُ أَنزَلناهُ إِليكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا أياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُلُوا الأَابابِ" [ص:29]. 
4 - أن يتأوَّل القرآن، بمعنى أن يتفّذ ما فيه من أوامر في أثناء القراءة، فإذا مرَّ بتسبيح سبّح، وإذا مرَّ بالاستغفارٍ استغفر، أو بذكر الجنةِ سأل الله الجنة أو بذكر النار استعاذ بالله من النار. 
5 - أن يراعي سجدات التلاوة فيسجد كلما مرت به أية منها. 
6 - أن يحسّن صوته بالقرآن، ويتغنّى به، وكلما أكثر المرء من القراءَة والجهر بها كان أقدر على تحسين صوته وتزيينه. 
7 - أن يراعي في ترتيله مراتب القراءة وهي التحقيق والتدوير والحدر بحيث يطبق الأحكام في كل مرتبة منها. 
8 - لأن يقرأ الفاتحة وأول خمس أيات من سورة البقرة عندما يختم القرآن ثم يدعو الله سبحانه فإن له دعوة مستجابة. 

ثالثا: آداب عامة تتعلق بالتلاوة: 
1 - أن يعمل بالقرآن ويتخلق بأخلاقه. 
2 - أن يحافظ على سمت أهل القرآن بكثرة الذكر وطول الفكر وقلة اللغو والحرص على العبادة والطاعة. 
3 - أن يحرص على تعليم القرآن وتبليغ أياته للناس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو أية" ([4]) . 
4 - أن يحرص على إتقانه وضبطه، وقد روى عن الشافعي رحمه الله (ت 204 هـ) أنه قال: "من تعلّم علماً فليُدقّق فيه" ([5]) . 
5 - أن يكون له ورد يومي من القرآن بحيث يقرأ جزءاً على الأقل في كل يوم حتى يختم في كل شهر مرة، وكلما زاد كان أفضل. 
6 - أن يكون بالقرآن فيقرأ في صلاة الليل ما تيسر حتى يحافظ على هذه السُّنة. 
7 - أن يحرص على حفظ ما يستطيعه من القرآن الكريم، وأن يتعاهد القرآن مخافته نسيانه. 
8 - إذا فاته حزبه من الليل فليقرأه ما بين طلوع الشمس الى الظهر. 
9 - أن يحفظ بطنه عن أكل الحرام، ولسانه عن لغوِ الكلام، ويدهُ عن تناول الحُطام، وقدمه عن السعي في الآثام ([6]). 
 

بقلم د. سامر جبر
دكتوراة التفسير وعلوم القرآن 
عمان الاردن
 مقالات  ذات صلة
تعلم القرآن الكريم عن بُعد مع أكاديمية تواقة؟
كيف أحفظ القرآن الكريم مع ضيق الوقت؟
فضل تلاوة القرآن الكريم
ما معنى تواقة؟
فضل القرآن العظيم
الإمام نافع المدني
مقدمة عن القراءات القرآنية
فضل القرآن الكريم وواجبنا نحوه


المصادر والمراجع
([1])المنير في أحكام التجويد, جمعية المحافظة على القرآن الكريم – عمان الأردن – الطبعة: الرابعة والأربعون: 1443 ه – 2021م , صفحة: ( 20 – 22) 
([2])أخلاق حملة القرآن /98 والأثر أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد ص 435. وقد روي في هذا الباب أحاديث مرفوعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
([3])رواه مسلم في صلاة المسافرين باب: فضل الماهر بالقرآن، رقم (798). 
([4])جزء من حديث رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ما ذكر عن بني اسرائيل، رقم 3461،6/ 361. 
([5])التمهيد في معرفة التجويد/53. 
([6])المرجع السابق ص 53، والتوسع في هذه الآداب ينظر: أخلاق حملة القرآن /95 وما بعدها، وفضائل القرآن وتلاوته ص 127 وما بعدها، والتبيان في آداب حملة القرآن.

أكمل القراءة
منذ 7 أشهر

آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم ([1]) 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحابته أجمعين , يقول الله تعالى في محكم التنزيل  ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [ الحج: 32
جعل الله تعالى تعظيم شعائره دلالة على تقوى القلب وصلاح السريره ونقاء العقل و الفكر و تعظيما لله سبحانه وتعالى, فكيف بمن عظم كتاب الله وتأدب مع كلامه سبحانه وتعالى و تخلق بأخلاق القرآن الكريم؟! لذلك فإن من أهم أشكال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى هو تعظيم كتابه وكلامه سبحانه وتعالى, وقد ألف العلماء علماء الأمة كتباً كثيرة في آداب تلاوة القرآن الكريم، بينوا فيها بالتفصيل سمت القارئ والهيئة التي يكون عليها قبل التلاوة وبعدها وفي أثنائها، ومن أشهر هذه الكتب : 

1- كتاب أخلاق حملة القرآن لأبي بكر الآجري (ت 360 هـ) . 
2- كتاب التمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء العطاري (ت 560 هـ). 
3- كتاب التبيان في آداب حملة القرآن لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ)، وهو أجودها لجمعه واستيعابه وترتيبه واختصاره. وسنذكرها ها هنا.
نبذة من أهم آداب التلاوة حتى يكون القارئ على بينةٍ من أمره فيلتزم هذه الآداب كلما أقبل على القرآن الكريم تالياً ومتدبراً. 
ومن الممكن أن نجمل أهم الآداب التي يجب على المسلم أن يتحلى بها مع كتاب ربنا ليحصل التعظيم لكلامه وكتابه سبحانه وتعالى , 

وهي على ثلاثة أقسام: 
أولا:  الآداب التي يراعيها القارئ قبل التلاوة: 
1 - بستحب للقارئ قبل البدء بالتلاوة أن يتطهر وأن يختار مكاناً طاهراً ويلبس ثياباً طاهرة ساترة للعورة. 
2 - يسنّ له أيضاً أن يتسوَّك وينظف فمه وأسنانه، لأن الفم طريق خروج الكلمات والحروف، وفي تنظيفه إرضاء للرب سبحانه وتعظيم للقرآن، وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه كان يحث على السلوك ويأمر به ويقول: "إن الرجل إذا قام يصلي دنا الملكُ منه يستمع القرآن فما يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه، فما يلفظ من أيةٍ إلا دخلت في جوفه" ([2]) . 
3 - يحسن أن يختار القارئ مكاناً بعيداً عن الشواغل، حتى يكون ذلك أجمع لذهنه وأبعد عن التشويش والإنشغال. 

ثانيا: الآداب التي يراعيها القارئ أثناء التلاوة: 
1 - أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لقوله سبحانه: "فَإِذا قَرَأَتَ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل:98] والمقصود: إذا أردت القراءة فاستعذ . 
2 - أن يراعي في تلاوته إتقان القراءة وأحكام التجويد، فيمد عند المدّ وبدغم عند الإدغام وهكذا، لقوله سبحانه وتعالى: "ورتل القرآن ترتيلاً" [المزمل:4]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ... " ([3])، وهذا الحكم إنما ذكرناه هنا مع أنه من جملة الواجبات، تأكيداً على أهمية التزام القارئ به، إذ أن كثيراً ممن يقرؤون القرآن لا يراعون أحكام تجويده، وكأنهم يقرؤون في أي كتابٍ أو صحيفة. 
3 - أن يتدّبر الآيات التي يقرؤها ويتفكر في معانيها، وقد جاء الأمر بتدبر القرآن في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: "كِتابُ أَنزَلناهُ إِليكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا أياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُلُوا الأَابابِ" [ص:29]. 
4 - أن يتأوَّل القرآن، بمعنى أن يتفّذ ما فيه من أوامر في أثناء القراءة، فإذا مرَّ بتسبيح سبّح، وإذا مرَّ بالاستغفارٍ استغفر، أو بذكر الجنةِ سأل الله الجنة أو بذكر النار استعاذ بالله من النار. 
5 - أن يراعي سجدات التلاوة فيسجد كلما مرت به أية منها. 
6 - أن يحسّن صوته بالقرآن، ويتغنّى به، وكلما أكثر المرء من القراءَة والجهر بها كان أقدر على تحسين صوته وتزيينه. 
7 - أن يراعي في ترتيله مراتب القراءة وهي التحقيق والتدوير والحدر بحيث يطبق الأحكام في كل مرتبة منها. 
8 - لأن يقرأ الفاتحة وأول خمس أيات من سورة البقرة عندما يختم القرآن ثم يدعو الله سبحانه فإن له دعوة مستجابة. 

ثالثا: آداب عامة تتعلق بالتلاوة: 
1 - أن يعمل بالقرآن ويتخلق بأخلاقه. 
2 - أن يحافظ على سمت أهل القرآن بكثرة الذكر وطول الفكر وقلة اللغو والحرص على العبادة والطاعة. 
3 - أن يحرص على تعليم القرآن وتبليغ أياته للناس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو أية" ([4]) . 
4 - أن يحرص على إتقانه وضبطه، وقد روى عن الشافعي رحمه الله (ت 204 هـ) أنه قال: "من تعلّم علماً فليُدقّق فيه" ([5]) . 
5 - أن يكون له ورد يومي من القرآن بحيث يقرأ جزءاً على الأقل في كل يوم حتى يختم في كل شهر مرة، وكلما زاد كان أفضل. 
6 - أن يكون بالقرآن فيقرأ في صلاة الليل ما تيسر حتى يحافظ على هذه السُّنة. 
7 - أن يحرص على حفظ ما يستطيعه من القرآن الكريم، وأن يتعاهد القرآن مخافته نسيانه. 
8 - إذا فاته حزبه من الليل فليقرأه ما بين طلوع الشمس الى الظهر. 
9 - أن يحفظ بطنه عن أكل الحرام، ولسانه عن لغوِ الكلام، ويدهُ عن تناول الحُطام، وقدمه عن السعي في الآثام ([6]). 
 

بقلم د. سامر جبر
دكتوراة التفسير وعلوم القرآن 
عمان الاردن
 مقالات  ذات صلة
تعلم القرآن الكريم عن بُعد مع أكاديمية تواقة؟
كيف أحفظ القرآن الكريم مع ضيق الوقت؟
فضل تلاوة القرآن الكريم
ما معنى تواقة؟
فضل القرآن العظيم
الإمام نافع المدني
مقدمة عن القراءات القرآنية
فضل القرآن الكريم وواجبنا نحوه


المصادر والمراجع
([1])المنير في أحكام التجويد, جمعية المحافظة على القرآن الكريم – عمان الأردن – الطبعة: الرابعة والأربعون: 1443 ه – 2021م , صفحة: ( 20 – 22) 
([2])أخلاق حملة القرآن /98 والأثر أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد ص 435. وقد روي في هذا الباب أحاديث مرفوعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
([3])رواه مسلم في صلاة المسافرين باب: فضل الماهر بالقرآن، رقم (798). 
([4])جزء من حديث رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ما ذكر عن بني اسرائيل، رقم 3461،6/ 361. 
([5])التمهيد في معرفة التجويد/53. 
([6])المرجع السابق ص 53، والتوسع في هذه الآداب ينظر: أخلاق حملة القرآن /95 وما بعدها، وفضائل القرآن وتلاوته ص 127 وما بعدها، والتبيان في آداب حملة القرآن.

أكمل القراءة